الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

منهج طالب العلم في دراسة علم العقيدة


منهج طالب العلم في دراسة علم العقيدة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد، " فإن شرف العلوم يتفاوتُ بشرفِ مدلولها، وقدُرها يعْظمُ بعِظم محصولها. ولا خلاف عند ذوي البصائر أن أجلَّها ما كانت الفائدةُ فيه أعمّ، والنفعُ به أتمّ، والسعادةُ باقتنائه أدوم، والإنسانُ بتحصيلهِ ألزمْ، كعِلمِ الشريعةِ الذي هو طريق السعداءِ إلى دار البقاء، ما سلكه أحدٌ إلا اهتدى، ولا استمسك به من خاب، ولا تجنّبه من رَشَد، فما أمنعَ جنابَ من احتمى بحِماه، وأرغدَ مآبَ من ازدانَ بحُلاه"[1]، .ومن أهم ذلك وأعلاه علم العقيدة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
والعلم بالرحمن أول صاحبٍ........................ وأهم فرض الله في مشروعهِ
وأخو الديانة طالبٌ لمزيدهِ ...................... أبداً ولما ينههِ بقطوعهِ
والمرء فاقتهُ إليه أشدُّ منْ............................ فقرِ الغذاء لعلمِ حُكْمِ صنيعه
في كل وقت والطعامُ فإنما..........................  يحتاجه في وقتِ شدَّةِ جوعهِ
وهو السبيل إلى المحاسنِ كلِّها...................... والصالحاتِ فسوأةٌ لمُضيعِهِ
إن علْم العقيدة من أهم العلوم الشرعية وأخطرها، كيف لا وهو العلم الذي يعقد عليه القلب، ويتميَّز فيه الخلق بين مؤمن وكافر !

تعريف علم العقيدة لغة واصطلاحاً
ويقصد بالعقيدة لغة الربط والعقد والإحكام والتوثق، ولذلك فكل ما عقد الإِنسانُ عليه قلبه جازمًا به - سواءٌ أكان حقًّا أَم باطلاً - فهو عقيدة.
والعقيدة هي الحكم الذي لا يُقبَل الشكُّ فيه لدى معتقدِه، فهي أمور وقضايا لا تقبَل الجدال ولا المناقشة، لكونها من الثوابت والمسلَّمات.
وأما العقيدة اصطلاحاً: هي الإِيمان الجازم بربوبية الله - تعالى - وأُلوهيته وأَسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخِر، والقدر خيره وشرِّه، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب، وقطعيات الدِّين من الأمور العملية ( كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحب في الله والبغض في الله والجهاد وحب الصحابة ) وما أَجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله - تعالى - في الأَمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله - صلى الله عليه وسلم
ويمكن أن نقول: أنها عبارة عن مجموعة الأحكام الشرعية التي يجب على المسلم أن يؤمن بها إيمانًا جازمًا، وتكون عنده يقينًا لا يَشوبه شكٌّ، ولا يُخالِطه ريب، فإن كان فيها ريب أو شكٌّ، كانت ظنًّا لا عقيدة.

مصادر العقيدة وأسماؤها

تؤخذ العقيدة من القرآن والسنة و إجماع الصحابة رضي الله عنهم، ولها أسماء متنوعة، فمن العلماء من يطلق عليها: الإيمان، ومنهم من يطلق عليها السنة، ومنهم من سماها الفقه الأكبر، ومنهم من أطلق عليها الشريعة، ومنهم من سماها بالعقيدة السلفية، ومنهم من سماها عقيدة أهل السنة والجماعة، والعقيدة الإسلامية، وكل الأسماء تدل على عقيدة واحدة، ومضمون واحد.

أهيمة علم العقيدة 

لابد من تقديم علم العقيدة على غيره من العلوم في الدراسة، لما له من أهمية بالغة وامتزاجٍ قوي بالحياة لدى المسلم:
1- فهو علمٌ يحوط صاحبه بحصانة من الشهوات والشبهات.
 فأما الشهوات فهي متعددة كثيرة، قال تعالى( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران14) والشهوة إما أن تكون مما يحلُّ وإما أن تكون حراماً، والله سبحانه لما خلق الإنسان وأودع فيه الشهوة؛ جعل له سبيلاً إلى نيلها، فمن خرج عن السبيل الذي أجازه الله وسمح به فقد وقع في الحرام، فكيف تعصمنا عقيدة من الوقوع في الشهوات ؟
إن المسلم عندما يعتقد بأن الله يسمع ويرى، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه قد أوكل به ملائكة حافظين، كراماً كاتبين، وأنه أعدَّ للمؤمنين جنة ونعيماً، وللكافرين ناراً وجحيماً؛ فإنه سيراقب نفسه ويمنعها من الوقوع في الحرام، ولن تكون شهوته قائداً له.
فإن وقع في الحرام، فإنه يسارع في التوبة خوفاً من العذاب، وطمعاً في رحمة الله ولطفه ورغبة في الثواب، فالعقيدة حصن حصين لصاحبها، تحوطه وتحميه من الشهوات، ومن الغرق فيها.
وأما الشبهات فيقصد بها الباطل الذي يحتج عليه أصحابه بأدلة يرتضونها، وقد تكون الأدلة نقلية أو عقلية، وأصحاب الشبهات متنوعون، فمنهم أصحاب العقائد الباطنية، ومنهم أصحاب البدع القولية والعملية، ومنهم اليهود والنصارى وأصحاب العقائد الأرضية المخترعة، ومنهم الكفار الملحدون على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، ومنهم أصحاب الأفكار المسمومة، فكيف تعصمنا العقيدة من الشبهات؟
إن المرء عندما يعتقد بوجود الله سبحانه وبما يستحقه من ألوهية وربوبية وبما له من أسماء وصفات، يطمئن قلبه، ويعصم نفسه من العبودية لغيره سبحانه.
 وعندما يؤمن بما جاء به الوحي من غيب وشرائع، فإنه يعصم نفسه من الوقوع في الخرافات والسقوط في الظلمات.
وعندما يعتقد بوجوب الطاعة لله فإنه يعصم نفسه من الذل والانقياد لقوانين الظلم البشرية، ولا يرضى بغير حكم الله سبحانه.
وعندما يعتقد برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب حبه واتباعه وتقديم شرعه على شرع من سواه، فإنه يعصم نفسه من الوقوع في حبائل الدجالين من مدَّعي النبوة، ومن الوقوع في البدع والمحدثات.
وعندما يعتقد المسلم بعقيدة القضاء والقدر، فإنه يعصم نفسه من الوقوع في الحيرة والزندقة، ويحصن نفسه من الوقوع في حبائل أصحاب المقالات المنحرفة، وتطمئن نفسه وتُكسى بالرضى، وتُدفع للعمل.

2- وهو علمٌ يرسم لصاحبه منهجاً واضحاً ثابتاً غير متقلِّب، وغير قابل للمداهنة والمفاوضة.

فالمؤمن عندما يوالي في الله ويعادي في الله ويحب في الله ويبغض في الله، فإنه يوالي أولياء الله، ويعادي أعداءه، ولا يركن إليهم بالقول أو الفعل، ويرسم له ذلك طريقة واضحة في التعامل مع الناس، والناس مختلفون، فمنهم المؤمن،  ومنهم العاصي، ومنهم الوالغُ في المعصية، ومنهم المبتدع، ومنهم الكافر المسالم، والكافر الحربي، ومنهم الكتابي وغير الكتابي، والمؤمن يتعامل مع كلِّ فردٍ بما يناسبه وفق منهج دقيق رسمته له عقيدته الثابتة، المأخوذة من القرآن والسنة المطهرة.

3- تجعل عقيدة الإيمان للحياة في هذه الدنيا هدفاً، وهو الوصول إلى أعلى المنازل في الجنة، والهرب من العذاب والعقاب.

فالمرء عندما يعتقد بما أعدَّ الله للمؤمنين في الجنة، فإنه سيصبُّ جامَ اهتمامه وكلَّ جهده للوصول إلى ما وعد الله به عباده، وعندما يعتقد برؤية وجه الله سبحانه في الجنة فإنه سيتحرَّق شوقاً إلى لقائه، وسيعمل جاهداً لدخول جنته.
وكذلك من اعتقد بما أعدَّ الله للكافرين في النار عمل جاهداً للبعد عنها، وعن كل ما يقرب منها.

4- وهو علمٌ يُجدِّد التفاعل مع هذه الحياة، ويملؤها بالإيجابية.
فمن اعتقد بربوبية الله تعالى، قاده اعتقاده إلى التوحيد والعبادة، وانقلب خوفه على رزقه وعلى عياله وعلى حياته طمأنينة، فالله هو الخالق المالك المدبر (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف54)، و(هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات 58).
ومن اعتقد بأسماء الله تعالى وصفاته أثَّر ذلك في نفسه وعمله، فمن اعتقد بأن الله هو السميع البصير، خاف معصيته وأقبل على طاعته، ومن اعتقد بأنه التواب الغفور اللطيف الودود، عصمه ذلك من اليأس والقنوط، ودفعه إلى التوبة والأوبة، ومن اعتقد بأن الله هو الضار النافع المحي المميت، عصمه ذلك من الجُبن، وامتلأ قلبه شجاعة وقوة.

5- البناء العقدي للأمة الإسلامية سبب في قوتها وثباتها، وسبب في النصر على الأعداء.

فالمؤمن أخو المؤمن لا يخذله ولا يظلمه، ويحفظه في غيبته، وهو له كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والمؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضاً.
والمؤمن الذي يقاتل من منطلق عقدي؛ يؤمن بالجنة ويتمنى الشهادة، ليس كالذي يقاتل من أجل الدنيا، والذي يقاتل دفاعاً عن المقدسات والأعراض، ونشراً لدين الله، ليس كالذي يقاتل لأجل الأموال واللذات.
هذه جملة من النقاط التي تبرز أهمية العقيدة ومدى امتزاجها بالحياة لدى المسلم، والوقت لا يتسع لبسط الحديث حول هذا الموضوع مع أهميته، ولكن يكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق.

منهجية طالب العلم في دراسة العقيدة

لما كانت العقيدة علماً بالغ الأهمية والدقة، كان لزاماً أن نبين طريقة طلبه لمبتغيه والراغب في دراسته.
ونجمل طريقة الطلب بالنقاط الآتية
أولاً: لابد من تجريد النية لله تعالى، والإخلاص له في الطلب، يقول الإمام الهروي: "الإخلاص تصفية العمل من كل شوب"، ويقول  العز بن عبد السلام  "الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي"[2]، وقال أيوب السختياني"ما صدق عبد قط فأحب الشهرة"[3]، وقال الشافعي "  "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن لا ينسب إليّ منه شيء"[4].

ثانياً: ينبغي على طالب العلم أن يبحث عن شيخ معروف بسلامة الاعتقاد، يزكيه أهل العلم ويثنون على علمه، إذ من كان شَيخُه كتابه غلب خطؤه صوابه غالباً، ومن دخل في العلم وحده خرج منه وحده، هكذا قال العلماء رحمهم الله.
وقد يتيسر هذا الأمر لطائفة وقد لا يتيسر لآخرين، وقد يستطيع بعض الطلبة التزام مجالس الشيخ العلمية دون غيرهم، لذلك فإن ما لا يدرك كله لا يترك جلُّه، وعلى من أراد دراسة العقيدة أن يبحث في الشبكة العنكبوتية عن دروس العقيدة التي يلقيها أهل العلم المشهود لهم بسلامة المنهج والاعتقاد، ونحن في الآن في زمان تقدَّمت فيه وسائل الاتصال حتى أصبح بمقدور العاجز عن حضور الدرس أن يستمعه مباشرة من موقع عمله أو منزله إن كان بعيداً، أو استعمال برامج التواصل الحديثة، ومن لم يتأهل لمثل هذا فعليه بشراء الأشرطة والأقراص المدمجة لهذه الدروس.

ثالثاً:  عليه في المقابل أن يتباعد عن أصحاب البدع وأن يصون أذنه عن سماع كلامهم، فلربما تكلموا بكلمة وقعت في القلب، فجرَّت الوساوس وأفسدت وأضلت سامعها، يقول أبو عثمان الصابوني عن أهل السنة أصحاب الحديث " ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )(الأنعام 68)[5].

 رابعاً: لا تشتت نفسك في كثرة البحث عن أفضل المتون العلمية، لتبدأ بها، فأضل متن هو المتن الذي يختاره لك شيخك ليشرحه، ولاشك في أن معرفة أفضل المتون وأفضل الكتب المؤلفة في العقيدة من الأمور التي تهم الطالب، لكن المبالغة التي تمنع الطالب من البدء في القراءة والدراسة، والتي قد تقطع عليه كتاباً بدأ قراءته أمر مذموم لابد من تجاوزه.

خامساً: لابد من التدرج في الطلب، فلا تبدأ بالمطولات، ولا بكتب الردود على أصحاب المقالات، وعليك بصغار العلم، ضبطاً وحفظاً، ثم انتقل من مرحلة إلى التي تليها بتأنٍ وصبر وثبات، حتى يكون صرحك العلمي مبنياً على أساس متين، فعن يونس بن يزيد أنه قال: قال لي ابن شهاب: يا يونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية ، فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه ، ولكن خذه مع الأيام والليالي ، ولا تأخذ العلم جملة ؛ فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة ، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي"[6].

سادساً: لا تخض في كتب أهل الكلام والفلسفة ولا تنظر فيها، فإنها مفسدة للعقل، وأنت لا تزال في أول الطريق، وليس لديك من العلم ما تدفع به الشبهات، فلربما تحملت علماً ضلَّ بك سواء السبيل، ثم إن هذه الكتب كانت من أعظم أسباب فساد الرأي لدى كثير من المسلمين، ولقد حذّر العلماء من الخوض في علم الكلام وسماعه وقراءته.
فعن محمد بن إدريس الشافعي أنه قال " لقد اطلعت من أهل الكلام على شئ والله ما توهمته قط، ولأن يبتلى المرء بجميع ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه الله بالكلام"[7].
و قال الشافعي للمزني بعد أن رد عليه في مسائل في الكلام " هذا علم إن أنت أصبت فيه لم تؤجر وإن أخطأت فيه كفرت، فهل لك في علم إن أصبت فيه أجرت، وإن أخطأت لم تأثم؟ قلت: وما هو؟ قال: الفقه. فلزَمْه، فتعلمت منه الفقه، ودرست عليه"[8].
و وروي عنه وعن أبي يوسف أنهم قالوا : من طلب الدين بالكلام تزندق[9] .
وقال الشافعي : حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في الأسواق ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام[10].

سابعاً: عليك بتحصيل الكتب النافعة في هذا العلم، وكتب العقيدة يمكن تقسيمها إلى ستة أصناف:
الأول: كتب شرحت العقيدة بعبارة سهلة مفهومة لدى العامة من الناس، والخاصة من طلاب العلم، ومن أفضل ما كتب بهذه الطريقة: كتاب الإيمان للشيخ الدكتور محمد نعيم ياسين ( السلفيتي) ومجموعة الشيخ عمر سليمان الأشقر ( البرقاوي النابلسي ) رحمه الله في العقيدة، وهي سلسلة حوت ثمانية كتب متوسطة الحجم، شرح فيها عقيدة أهل السنة بطريقة سهلة مفهومة، وكتاب معارج القبول وأعلام السنة المنشورة كلاهما للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله.
الثاني: متون مختصرة دقيقة العبارة، تحتاج إلى شيخ لشرحها واستخراج ما فيها من علوم، ومن أشهرها وأيسرها ( لمعة الاعتقاد ) للموفق عبدالله بن أحمد بن قدامة الجماعيلي من جماعيل نابلس، وكتاب ( الاقتصاد في الاعتقاد ) لعبد الغني النابلسي،  و(العقيدة السفارينية) لمحمد بن أحمد السفاريني النابلسي.
الثالث: كتب متخصصة في مسألة أو أكثر من مسائل العقيدة، ككتاب قاعدة جليلة في التوسل، وكتاب شرح حديث النزول كلاهما لشيخ الإسلام، وكتاب العقيدة السلفية في كلام رب البرية لفضيلة الشيخ عبد الله الجديع حفظه الله.
الرابع: كتب الردود على أصحاب المقالات، ككتاب (الرد على الجهمية والزنادقة) للإمام أحمد بن حنبل، وكتاب (منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة القدرية)، وكتاب (درء تعارض العقل والنقل)، وكتاب (الرد على البكري)، وكتاب (الصارم المسلول على شاتم الرسول)، و(بيان تلبيس الجهمية)كلها لشيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا الصنف من الكتب يحتاج قبل قراءته إلى تأصيل علمي متين حتى يستطيع قارئه فهم ما فيه.
الخامس: كتب جمعت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف من الصحابة ومن بعدهم في العقيدة، كـ (صحيح البخاري) و(صحيح مسلم)، وكتب السنن،  و(مصنف عبد الرزاق) و(مصنف ابن أبي شيبة)، وكتاب (الشريعة) للإمام الآجري، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة العكبري، و(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) لللالكائي وكتاب (السنة) لان أبي عاصم، و(السنة) لعبد الله بن أحمد، و(السنة) للخلال، و(الرد على الجهمية) لابن مندة، و(الرد على الجهمية) للدارمي، والقائمة تطول، وهذه الكتب تحتاج قبل قراءتها إلى فهم جيد لمسائل العقيدة، حتى يستطيع فهم أقوالهم والاستشهاد بها في مواضعها.
السادس: كتب تحدثت عن المذاهب الفكرية المعاصرة، كالعلمانية والشيوعية والليبرالية والعقلانية، والمذهب الإلحادية الجديدة وغير ذلك، وممن اهتم بالتأليف في هذا المضمار، الأستاذ الدكتور محمد قطب رحمه الله، وله في ذلك كتب عديدة كـ : كتاب (مذاهب فكرية معاصرة)، وكتاب (العلمانيون والإسلام)، وكتاب (قضية التنوير في العالم الإسلامي)، وغيرها.
والشيخ الدكتور سفر الحوالي، ومن كتبه (العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة)، وكتاب (منهج الأشاعرة في العقيدة)، وكتاب (مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة) وغيرها.
والأستاذ الدكتور ناصر العقل، ومن كتبه: (المدرسة العقليّة الحديثة)، و(الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة)، وكتاب (الغزو الفكريّ للعالم الإسلاميّ) وغيرها.
والشيخ إحسان إلهي ظهير، ومن كتبه (الشيعة والسنة)، وكتاب (دراسات في التصوف)، و كتاب (القاديانية)، وغيرها.

برنامج مقترح لدراسة العقيدة
يبدأ طالب العلم بــــكتاب (الإيمان لمحمد نعيم ياسين ) و ( مجموعة الشيخ عمر سليمان الأشقر في العقيدة ) (العقيدة في الله، عالم الملائكة الأبرار، عالم الجن والشياطين، الرسل والرسالات،اليوم الآخر (١) القيامة الصغرى وعلامات القيامة الكبرى، اليوم الآخر (٢) القيامة الكبرى، الجنة والنار، القضاء والقدر) ويضبطها جيداً، ثم ينتقل منها إلى كتاب التوحيد، ويقرأ له شرحين: الأول ( فتح المجيد ) والثاني ( القول المفيد على كتاب التوحيد ).
ثم بعد ذلك ينتقل إلى متن (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة المقدسي، ويقرأ عليه شرحين: (التعليقات على متن لمعة الاعتقاد) لعبد الله بن جبرين، و(تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد للعثيمين).
ويقرأ مع هذه الكتب: كتاب ( القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ) للعثيمين، وكتاب (أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة) وكتاب )أسماء الله الحسنى الهادية إلى الله والمعرفة به) كلاهما لعمر سليمان الأشقر،  وكتاب (شرح حديث النزول)، وكتاب (قاعدة جليلة في التوسل) كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ثم ينتقل بعد ذلك إلى متن الواسطية لشيخ الإسلام، ويقرأ عليه شرح الشيخ محمد خليل هراس، وشرح الشيخ محمد العثيمين.
ويقرأ معه الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ( وأفضل شروحها شرح الشيخ حمد التويجري ).
ثم ينتقل إلى التدمرية ويقرأ عليها شرح الشيخ عبدالرحمن البراك، وشرح الشيخ محمد الخميس.
ثم يقرأ العقيدة الطحاوية بعد ذلك ويهتم بها جيداً، ومن أهم شروحها شرح ابن أبي العز الحنفي، مع تعليقات ابن باز، أو الألباني، وممن شرح الشرح فضيلة الشيخ سفر الحوالي حفظه الله، وهو من أنفس الشروح وأطولها.
ويقرأ معها  متن السفارينية ومن شروحها شرح الشيخ العثيمين، وكتاب (الاقتصاد في الاعتقاد) لعبد الغني المقدسي، وكتاب ظاهرة الإرجاء للشيخ سفر الحوالي.
ثم يقرأ بعد ذلك مجموعة من الكتب: ككتاب (الشريعة) للآجري، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة العكبري، و(شرح أصول اعتقاد أهل السنة) لللالكائي، و(السنة) لأحمد و(السنة) لابن أبي عاصم و(السنة) لعبد الله بن أحمد بن حنبل، و(السنة) للخلال.
فإن قرأ هذه الكتب، فإنه سيتأهل بإذن الله للقراءة في الكتب المطولة كـ :كتاب (منهاج السنة)، و(درء تعارض العقل والنقل) و(بيان تلبيس الجهمية) وغيرها.

جهود أهل فلسطين في نشر اعتقاد السلف

ولقد كان لعلماء فلسطين جهد عظيم في نشر معتقد السلف رضوان الله عليهم، فمن هؤلاء الأعلام : 

1- الإمام ناصح الدين أبو الفرج عبد الواحد بن محمد الأنصاري الخزرجي الشيرازي المقدسي، شيخ الإسلام في وقته، نشر الفقه الحنبلي، وأصول اعتقاد أهل السنة، والمذهب السني في القدس بلاد الشام،  توفي عام 486هـ.
2- الإمام عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي من جماعيل نابلس، صاحب الكتب الكثيرة النافعة، منها كتاب (الاعتقاد) وكتاب (الاقتصاد في الاعتقاد) وكتاب (الصفات) وغيرها الكثير، توفي عام 600هـ.
3- الإمام الموفق أبو عمر محمد بن قدامة المقدسي، أصله من جماعيل من أعمال نابلس، صاحب  الكتب النافعة الكثيرة، منها كتاب ( لمعة الاعتقاد ) وكتاب ( إثبات صفة العلو) وكتاب ( ذمُّ التأويل ) وكتاب (البرهان في مسائل القرآن ) وغيرها الكثير، توفي عام 607هـ.
4- الحافظ ضياء الدين، محمد بن عبد الواحد المقدسي، صاحب الكتب النافعة، منها كتاب ( النهي عن سب الأصحاب ) وكتاب ( طرق حديث الحوض النبوي) و ( كتاب الإيمان ومعاني الإسلام)، وغيرها، توفي عام 643هـ.
5- الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي من جماعيل نابلس، صاحب كتاب (المحرر )، وكتاب (  الكلام على مسألة الاستواء على العرش) وكتاب ( أحاديث حياة الأنبياء في قبورهم ) وغيرها، توفي عام 744هـ.
6- الشيخ أحمد بن عبد الرحمن المرداوي، صاحب كتاب (اللآلئ البهية في شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية)، توفي سنة 787هـ.
7- الشيخ محمد بن عبد الله بن أحمد ابن المحب المقدسي، صاحب كتاب (إثبات صفة العلو)، توفي عام 789هـ.
8- الشيخ يوسف بن أحمد ابن عمر المقدسي، صاحب كتاب ( تعليق في الصفات ) وكتاب ( الرد على بعض المتكلمين )، توفي عام 798هـ.
9- العالم العلامة مرعي الكرمي (من طولكرم) ثم المقدسي، صاحب الكتب النافعة الكثيرة، منها: (إرشاد ذوي الأفهام لنزول عيسى عليه السلام)، وكتاب (توضيح البرهان في الفرق بين الإسلام والإيمان)، وكتاب (توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين)، وغيرها. توفي عام 1033هـ.
10- الشيخ أحمد بن محمد بن عوض المرداوي، صاحب كتاب (طَرفُ الطرْف في مسألة الصوت والحرف)، توفي عام 1105هـ.
11- الشيخ الإمام محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، من سفارين نابلس، صاحب الكتب النافعة، منها كتاب ( البحور الزاخرة في علوم الآخرة ) وكتاب ( لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية)، وغيرها. توفي عام 1188هـ[11].
ولقد اجتهد علماؤنا في نشر العلوم النافعة والاعتقاد السليم على نهج السلف الصالح، في فلسطين، وما جاورها من بلاد المسلمين،  فنفع الله بهم البلاد والعباد، ولعل ذلك أن يكون حافزاً لطلاب العلم كي يبذلوا الجهد ويسيروا على ما سار عليه أجدادهم من الجدِّ والاجتهاد في نشر هذه العلوم.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.



------------------------------------------------------
[1] من مقدمة ابن الأثير لكتابه جامع الأصول
[2] مقاصد المكلفين ص 358.
[3] سير أعلام النبلاء، ج6، ص20.
[4] تذكرة السامع والمتكلم، ص19.
[5] عقيدة السلف أصحاب الحديث، ص 114-115.
[6] جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص359.
[7] طبقات الشافعية للسبكي، ج1، ص453-454.
[8] المصدر السابق، ج2، ص98.
[9] مجموع الفتاوى، ج16، ص473.
[10] المصدر السابق، ج16، ص473.
[11] انظر: كتاب تاريخ المذهب الحنبلي في فلسطين، ص134 - 138.

0 التعليقات:

إرسال تعليق